لا يستطيع أمين أحمد إرسال التقارير الخاصة بالمنظمة الدولية التي يعمل فيها من عدن إلى الإدارة العامة في أمستردام، ويقول إن “السبب هو سوء الإنترنت في المدينة، وانقطاعه معظم الأوقات”. ويضيف: “في آخر كل شهر أضطر للسفر لرفع التقارير الشهرية، والتي تكون عبارة عن توثيق للانتهاكات التي تمارسها أطراف الصراع في اليمن، إذ تكون معظمها شهادات موثقة بالفيديو أو الصوت، الأمر الذي يتطلب سرعة إنترنت جيدة وهو ما لا يتوافر في العاصمة”
ومنذ انقلابها على الدولة في أواخر عام 2014، تتحكم ميليشيا الحوثي بالاتصالات والإنترنت، وذلك من خلال سيطرتها على المزود الوحيد للإنترنت في اليمن “يمن نت”، ومن خلاله عملت الميليشيا على قطع الشبكة في المحافظات غير الخاضعة لسيطرتها في الوقت الذي تريد، إذ تنعدم خدمة الإنترنت في معظم الأوقات في عدن، وذلك في عمل متعمد من قبل الحوثيين بحسب المسؤولين في وزارة الاتصالات
خلال الأعوام الماضية أحكمت ميليشيا الحوثي سيطرتها على معظم شركات الاتصالات في اليمن، فصادرت شركتي “سبأفون” و”واي تليكوم”، وتديرهما بطريقة غير قانونية، ما يتيح لها فرصة للتجسس على المواطنين وتحديد مواقعهم وتقييد حرياتهم الشخصية. وإضافة إلى ذلك تقوم الميليشيات الحوثية بفرض ضرائب وجبايات غير قانونية على الشركات والمواطنين من خلال إضافة نسبة على أسعار خدمات الاتصالات لصندوق رعاية عائلات قتلى الميليشيات، ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع الاستثمارات الخارجية في البلاد، فقد باعت شركة MTN الدولية استثمارتها في اليمن لشركة عُمانية في بداية 2022، وغادرت اليمن بسبب الجبايات وتسلط الميليشيات
تسبب عدم توافر الإنترنت بسرعات جيدة إلى انهيار بعض المؤسسات التجارية والمشاريع الصغيرة، خصوصاً التي تعتمد على التسويق الإلكتروني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. ففي عام 2022 انتقل عبد الله عدنان من محافظة أبين إلى صنعاء لمتابعة أعماله نظراً لعدم توافر خدمة جيدة للإنترنت في مدينته، حيث يعمل في مجال التجارة الإلكترونية، من خلال استيراد بضائع من الصين وبيعها في السوق المحلية باليمن
إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تسببت بها سيطرة الحوثيين على شركات الاتصالات، كان لهذه السيطرة أيضاً تأثير على حرية التعبير والحريات الصحافية، فقد استخدمت الميليشيا هيمنتها لقمع الأصوات المعارضة ومنع الصحافيين والنشطاء من التعبير عن آرائهم، ومراقبتهم واستهدافهم بالسجن أو الاعتقال، وكذلك حجب المواقع التابعة للمؤسسات الإعلامية والصحافية، إذ بلغ عدد المواقع التي تم حجبها 208 وتعود لوسائل إعلام محلية ودولية
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمنية وقعت في 21 آب (أغسطس) المنصرم اتفاقية شراكة مع شركة NX الإماراتية لتشغيل شبكة إنترنت بتقنية 4G في المناطق المحررة، وذلك من خلال الاعتماد على شبكة “عدن نت”. وبحسب رئيس الحكومة معين عبد الملك فإن هذه الاتفاقية من شأنها أن تفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية في مجال الاتصالات، وأن تبعد الحكومة والمواطنين من مراقبة ميليشيا الحوثي والتحكم بالإنترنت ، ورغم أن بصيص الأمل من قبل الحكومة لا يرى في الأفق ولكن يأمل المواطنون أن يتحقق ذلك للنجاة من جحيم اتصالات الحوثي.