مع انسحاب روسيا من اتفاقية “البحر الأسود” لنقل الحبوب من أوكرانيا، ثمة مخاوف في اليمن من تداعيات هذه الخطوة وتأثيرها على مستوى الإمدادات الغذائية في البلد الذي يشهد “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وفق الأمم المتحدة.
ويعاني اليمن من ضُعف سعته التخزينية للحبوب في صوامع الغلال بمحافظتي عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، والحديدة الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثيين، التي لا تتجاوز 20% من استهلاك البلد السنوي، وفق تصريح سابق لنائب وزير الصناعة والتجارة لدى الحكومة المعترف بها دوليًا، سالم الوالي لـ”إرم نيوز”.
ويقول مدير عام تشجيع المنافسة وحماية المستهلك، في وزارة الصناعة والتجارة، فضل صويلح، إن مخزون البلد الاستراتيجي من القمح والأرز يكفي لتغطية احتياجات السوق المحلية لأكثر من 3 أشهر قادمة، فضلاً عن وصول كميات أخرى من هذه السلع خلال الشهرين المقبلين إلى موانئه، وفق تعاقدات سابقة.
وأكد في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن الأمور ليست مقلقة، وأن اليمن تخطت أزمات خلال السنوات الماضية، أكثر شدّة من الوضع الحالي، خاصة وأن البلد حاليًا لم يعد معتمدًا بشكل كليّ على أوكرانيا في استيراد الحبوب، وباتت لديه مصادر أخرى كفرنسا وأمريكا وإسبانيا وأستراليا وغيرها، بفضل تحركات قيادة الوزارة، وجهود كبار التجار المستوردين الدؤوبة
ولم يستعبد صويلح، ارتفاع أسعار القمح وبعض السلع الأساسية خلال الفترة المقبلة، نتيجة لعدة عوامل، كتراجع قيمة العملة الوطنية والارتفاع العالمي في أسعار بعض المواد الأساسية، وعوامل أخرى بسبب كلفة النقل وعملية تأمين الشركات بسبب وضع البلد غير الآمن نتيجة للحرب.
من جهته، أعلن نائب المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، كارل سكاو، الجمعة الماضي، أن المنظمة الدولية ستضطر إلى قطع الغذاء والمساعدات النقدية لملايين الأشخاص في عدد من البلدان، بينهم 7 ملايين يمني، في أغسطس/ آب المقبل، بسبب أزمة التمويل.
ويرى عضو الغرفة التجارية والصناعية بعدن، المنسق العام للجنة الإغاثية العليا في اليمن، جمال بلفقيه، أن الأزمة الاقتصادية تزداد تفاقمًا في اليمن، لعدة أسباب، أهمها: استمرار الحرب واستهداف الحوثيين للموانئ والمنشآت النفطية وتسببها في وقف تصدير النفط، إلى جانب تبعات الحرب الروسية والأوكرانية، والتحذيرات الأممية الأخيرة الصادرة عن برنامج الغذاء العالمي بتوقف المساعدات الغذائية.
وقال بلفقيه في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن اليمن بحاجة إلى استيراد 3,8 مليون طن من القمح سنويًا، ضمن 95% من إجمالي ما يستورده من المواد الغذائية.
واستبعد المنسق العام للجنة الإغاثية العليا، حدوث أزمة متعلقة بمخزون البلد من القمح، لكنه أشار إلى مضاعفة الأزمة الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، في حال استمرار الحرب.
ويعتقد رئيس مركز “الدراسات والإعلام الاقتصادي” المحلي، مصطفى نصر، أن كمية شحنات القمح التي يستوردها اليمن عبر مبادرة “البحر الأسود” لنقل الحبوب، ليست كبيرة، إلا أن التطورات الأخيرة وانسحاب روسيا سيكون له تداعيات سلبية على الوضع الإنساني في اليمن.
وقال في حديثه لـ”إرم نيوز”، إنه على الرغم من لجوء القطاع الخاص في اليمن – أكبر مزود للسوق المحلية بالحبوب –إلى أسواق بديلة لتغطية احتياجات السوق، إلا أن تداعيات الحرب الروسية والأوكرانية، تلقي بظلالها المأساوية على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن، الذي كان يستورد ما يصل إلى 25% من القمح من أوكرانيا، و44% من روسيا.