القمندان نيوز – د عيدروس نصر.
في الاسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك كنا في عدن كما يعلم الجميع،
عند بوابة الفندق الذي نزلت فيه استوقفني أحد أفراد الحراسة من شباب الحزام الأمني الجنوبي، وعرفني على نفسه بأنه فلان الفلاني ابن الشهيد فلان، الذي قتلته قوات الأمن المركزي أثناء انتفاضة الحراك السلمي الجنوبي، (وهنا أتحفظ على الاسماء لأسبابي الخاصة) وراح يسألني: هل رشاد العليمي أو طارق محمد عبد الله صالح في هذا الفندق.
ولا اخفي أن قلقا راودني فبادرته بالعتاب، وقلت له أبوك واحد من آلاف الشهداء الذين ذهبوا في واحدة من أشرف الثورات السلمية، وسينصفهم التاريخ جميعاً ذات يوم، . . . ورحت أحذره من أي تفكير بأي خطوة متهورة.
لكنه رد علي مباشرةً:
لقد فهمتني غلط يا عم عيدروس!
ثم راح يشرح لي :
– إنني فقط أريد أن أقول لرشاد العليمي وطارق عفاش، أهلا وسهلا بكم في عدن!
انتم اليوم في حماية أبناء الشهداء الذين قتلتهم قواتكم يوم كنتم أقوياء وكنا نحن، عُزَّلاً من السلاح.
ثم مسترسلاً:
اريد ان اقول لهم: نحن لن نتعامل معكم اليوم وانتم مهزومون مثلما تعاملتم معنا حينما كنا ضعفاء، بل إننا سنحميكم من القتلة الذين أخرجوكم من دياركم ونقضوا عهودهم معكم، وهؤلاء لا يختلفون عنكم كثيرا سواءٌ في احتراف القتل أو في نقض العهود.
لقد قتلتم أهلنا حينما كانوا مجردين من السلاح إلا سلاح الإرادة،
واليوم نحن نمتلك السلاح والإرادة معا، لكننا لن نتصرف معكم مثلما تصرفتم مع اهلنا، لن نستخدم سلاحنا ضدكم لأنكم ضيوف في ارضنا، والمضيف لا يقتل ضيفه.
الانذال فقط يقتلون ضيوفهم، ونحن لسنا انذالاً ولن نكون.
أذهلني الشاب بمنطقه وبقدرته على الإقناع، ولم أجد إلا أن احييه وأأكد له أن قضية شهداء الثورة الجنوبية السلمية لا تسقط بالتقادم، وأن ثمن تضحياتهم ستكون الدولة الجنوبية الجديدة على حدود ٢١ مايو ١٩٩٠م
وقبل أن ينصرف الشاب قال لي:
هل سمعت يا عم عيدروس بعمرك عن أبناء ضحايا يحمون من قتل آبائهم، إلا في جنوبنا هذا الحبيب العجيب؟؟
ثم حياني منصرفاً.