الجمعة , 22 نوفمبر 2024
ما إن تفاءل الشارع اليمني بحال الهدوء الذي شهدته جبهات القتال على مدى ثمانية أشهر، والتقدم الدبلوماسي الرامي إلى تجديد الهدنة الأممية المنتهية ووضع حد للحرب التي دخلت عامها التاسع، حتى جاء التصعيد الحوثي الأخير في كل من حريب ومرخة بمحافظتي مأرب وشبوة (شرق)، ومحاولة اغتيال محافظ تعز (غرب) ووزير الدفاع ليجدد طرح الرسالة التي تعزز الشكوك في تغيير الجماعة سلوكها السياسي
وحتى صباح أمس الأربعاء وسعت جماعة الحوثي عملياتها العسكرية في مديريتي مرخة العليا وحريب وتم خلالها إسقاط مسيرتين تابعتين لها وإفشال محاولات التسلل الرامية إلى إحراز نصر جديد في المديريتين اللتين تشتركان مع الحدود الإدارية لمحافظة البيضاء (وسط)
التصعيد الأعنف
وأثناء ما كانت مدفعية الميليشيات تدك شعاب بوارة ووضو وشرق غربي حريب، وشامخ وامقوة والخشيبة بمرخة، راحت تحليلات المراقبين تتحدث عن مساع حوثية إلى تحقيق انتصارات جيوسياسية تستبق أي اتفاق محتمل مع الشرعية كورقة ضغط جديدة، فضلاً عن كون شبوة ومأرب محافظتين غنيتين بالنفط.
إضافة إلى رسائل سياسية أخرى، لعل أهمها إظهار أنفسهم بالجهة المستقلة التي لا تتأثر بأبعاد عودة العلاقات السعودية الإيرانية، كما تحدث كثر عن تأثير ذلك بعد تعهد الأخيرة بكف يدها عن دعم وكلائها، في حين عزاه آخرون إلى محاولة لفت نظر الإقليم والعالم بالتفاوض معهم ورفع الحرج أمام أتباعهم بأنهم غير تابعين لطهران وغيرها
رسائل من حريب للخارج
التقدم الحوثي المباغت الذي اصطدم بجدار صلب أقامته قوات العمالقة وقوات دفاع شبوة كان الأعنف منذ انتهاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ودخول البلد في حال “هدنة غير معلنة” مما يشي بتقدم ملحوظ في المفاوضات التي يجريها عدد من الرعاة الدوليين على طريق وضع حد للحرب التي طال أمدها، ويقول الباحث السياسي علي العبسي إن الحوثيين يسعون من خلال تصعيدهم العسكري في جبهة مهمة مثل حريب إلى إيصال رسالة بأن قرارهم مستقل وأنه لا وجود لنفوذ إيراني عليهم
ويضيف أن رسائل الحوثي تسعى إلى إيصال فكرة تتلخص في أن “تحسن العلاقات بين السعودية وإيران وقرار عوده العلاقات الثنائية بين البلدين لا يعنيهم في شيء ولن يغير سياستهم تجاه الحكومة الشرعية أو السعودية”، والهدف من الرسالة أن “على السعودية إذا ما أرادت الوصول إلى تسوية مع الحوثيين فإن عليها التحدث معهم بشكل مباشر”
وفي تصعيد متعدد الأوجه تعرض موكب وزير الدفاع الفريق الركن الداعري ومحافظة تعز نبيل شمسان ونقطة عسكرية على طريق الكدحة المؤدي إلى مدينة تعز السبت الماضي إلى هجمات بطائرات مسيرة أسفر عن سقوط قتلى وجرحى
استماتة لا تهدأ
ومنذ أسبوع تحاول جماعة الحوثي السيطرة على مديريتي حريب ومرخة في المنطقة التي تقع على مثلث إستراتيجي يتوسط محافظات هي مأرب وشبوة والبيضاء، فقد سبق للحوثيين أن سيطروا مرتين على مديريات بيحان الثلاث، عين وبيحان وعسيلان، التابعة لمحافظة شبوة، وأطراف مديرية حريب التابعة لمأرب خلال سنوات الحرب الثماني، وهي جغرافيا تبدأ بسلسلة جبلية شاهقة من مرتفعات البيضاء غرباً إلى صحارى صافر النفطية وعسيلان شرقاً، كما أن السيطرة عليها تعزل الشرعية في مأرب عن خطوط الإمداد القادمة من الشرق والجنوب والخط الدولي الرابط بين اليمن والسعودية، إذ سيطرت عليها في المرة الأولى عقب هجوم بدأته أوائل مارس (آذار) 2015، واستعادتها قوات الحكومة في عملية مباغتة أواخر ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 بدعم جوي كثيف من مقاتلات التحالف العربي
غير أن الحوثيين عادوا للسيطرة على تلك المناطق في سبتمبر (أيلول) 2021 عبر هجوم غير تقليدي بدأوه من محافظة البيضاء بوسط اليمن التي تتوسط مأرب وشبوة من جهتها الغربية، وسيطروا على مديريات بيحان وحريب والجوبة بمأرب في وقت قياسي مما سبب انتكاسة عسكرية فادحة للشرعية اليمنية لا تزال معاناتها مستمرة في بعض المناطق حتى اليوم
التهام الكل بهدوء
وتمثل مديرية حريب الطريق الأسهل لميليشيات الحوثيين للوصول إلى مدينة مأرب والمناطق الصحراوية الغنية بالغاز المحيطة بها، وتسعى الجماعة إلى أن تكون رافداً اقتصادياً مهماً لها
ويقول الخبير العسكري عبدالعزيز الهداشي إن الحوثيون من خلال سير العمليات العسكرية يسعون إلى التهام باقي المناطق، وهذا منطقي وطبيعي فهم من يمتلكون المبادرة الهجومية
وبالنظر إلى التفاهمات السياسية التي ستنعكس على ملف الحرب برمته في حال تم عقد اتفاق سلام يتوقع الهداشي أن الحوثي “لن يتوقف وسيهاجم تحت أي سبب بقية المناطق، وهو أمر منطقي أيضاً”
وعن السيناريو المقبل يرى أن الجماعة الطائفية “تسعى إلى تحييد القوى الخارجية لتتفرغ لالتهام باقي المناطق، وستنفرد بكل قوة على حدة وهذا ما سيحدث خلال الفترة المقبلة”
السياسي يرد على العسكري
وفيما المدفعية تسعى إلى فرض واقع ميداني جديد، جاء حديث الشرعية متفاجئاً من التصعيد الحوثي أو غير متوقع، ولهذا وصف مجلس القيادة الرئاسي اليمني “التصعيد الحربي للميليشيات الحوثية في محافظتي مأرب وشبوة والهجمات الإرهابية الفاشلة في تعز بأنه يعكس الحال البائسة التي وصلت إليها الميليشيات في نهجها العدائي لمساعي السلام، وهربها من الاستحقاقات العادلة لملايين المواطنين المطالبين بالحرية”، ومحذراً من “خطورة التصعيد الإرهابي للميليشيات في مأرب وشبوة وتعز”
حال السخط السياسي من التصعيد الحوثي عبرت عنه كل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة بإدانة “التصعيد الحوثي الأخير في تعز ومأرب والذي أدى إلى سقوط قتلى”، مؤكدة “ضرورة توقف الحوثيين عن مفاقمة معاناة اليمنيين ودعم الحل السلمي للنزاع، وأن يكف الحوثيون عن أعمالهم الاستفزازية وإظهار التزام حقيقي بالسلام في اليمن”
مزيداً من الهزائم
*وتجاوزت ردود الفعل الشرعية إلى المجلس الانتقالي، إذ علق رئيس الدائرة الخارجية محمد الغيثي على هذه التطورات بقوله “لن يكون أمام ميليشيات الحوثي إلا مزيداً من الهزائم”، وأضاف الغيثي الذي يتولى أيضاً منصب رئيس هيئة التشاور والمصالحة “لا أعتقد أن المجتمع الدولي بحاجة الى أدلة جديدة عن هذه الممارسات أكثر من حاجته إلى القدرة على اتخاذ قرارات جادة”*
تحركات أخرى
تزامن التصعيد الحوثي مع زيارات ولقاءات أجرتها قيادات في وزارة الدفاع اليمنية ومسؤولين من التحالف لعدد من الجبهات والمحاور العسكرية في إطار حلحلة الملفات الشائكة في مناطق الشرعية اليمنية، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة لطالما يخشاها الحوثيون فاستبقوا بالهجمات لإيجاد ارتباك يفشل كل الجهود التي تهدف لتوحيد جبهة الشرعية
وترأس الرئيس القائد عيدروس الزبيدي مساء أول من أمس الإثنين اجتماعاً عسكرياً مشتركا في عدن ضم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ووفداً من قوات التحالف العربي وقيادات عسكرية وأمنية جنوبية
ويوم الجمعة الماضية تفقد وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز وقائد قوات الدعم والإسناد للتحالف العربي اللواء السعودي سلطان البقمي بعض وحدات القوات المشتركة في الساحل الغربي
نوفمبر 11, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024
نوفمبر 8, 2024