الجمعة , 22 نوفمبر 2024
بدا الرد الأمريكي على خلفية التطورات الأخيرة بين واشنطن وإيران في سوريا خارج إطار التوقعات في ظل صراع النفوذ المستعر بين الجانبين شمالي سوريا.
ففي وقت اعتقد فيه متابعون أن منسوب التوتر سيتفاقم حد المواجهة عقب ضربات أمريكية جوية “دقيقة” أعقبت هجوما بمسيرة يشتبه بأنها إيرانية المنشأ، جاء الرد الأمريكي عكس التوقعات.
وليل الخميس/ الجمعة، قُتل 14 مقاتلا موالين لإيران جراء ضربات جوية “دقيقة” أعلن الجيش الأمريكي تنفيذها في شرق سوريا ردا على هجوم بطائرة مسيرة أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة 6 آخرين.
واليوم السبت، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع حصيلة القتلى بصفوف الجماعات المتحالفة مع إيران، إلى 19.
ووفق رواية واشنطن، استهدف هجوم بطائرة مسيّرة، الخميس، “منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف قرب الحسكة في شمال شرق سوريا”، ما أسفر عن مقتل “متعاقد وإصابة 5 عسكريين ومقاول آخَر، جميعهم أمريكيون”.
فيما أعلن البنتاغون أنّ أجهزة الاستخبارات الأمريكية تعتبر الطائرة بدون طيار “إيرانية المنشأ”.
“لا نريد صراعا”
حبس العالم أنفاسه وهو يترقب الخطوة الأمريكية اللاحقة ضد الموالين لإيران في سوريا، وبات لدى معظم المحللين قناعة بأن ناقوس المواجهة دق في توقيت بالغ التعقيد من التطورات الإقليمية والدولية.
لكن واشنطن التي يبدو أنها لم تشف من ندوب حربي أفغانستان والعراق، اتعظت من دروس التاريخ، وقررت أن انتقاما فوريا كاف لتوجيه “قرصة أذن” من شأنها أن تحدد مجال النفوذ في سوريا.
ومن أوتاوا، وتحديدا خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة أن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران”.
وقال: “لا تخطئن الظن، الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، لكنها مستعدة للعمل بقوة لحماية شعبها”، في تأكيد يستبطن منعطفا بسياسة أمريكا حيال إيران.
وتقود واشنطن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وينتشر 900 جندي أمريكي ضمن قوات التحالف في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد بسوريا، وتحديدا في قواعد عدة بمحافظة الحسكة (شمال شرق) والرقة (شمال) ودير الزور (شرق).
غير أن قواعد التحالف الدولي والقوات الأمريكية تتعرض بشكل دائم لاستهداف عبر طائرات مسيرة وصواريخ، غالبا ما توجه أصابع الاتهام فيها لمجموعات موالية لطهران حينا، وأحيانا لخلايا تابعة لداعش.
مهادنة؟
حين يتعلق الأمر بإيران، لطالما كانت لهجة واشنطن هجومية بشكل لاذع، لكن الوضع بدأ يتخذ منحى مغايرا في سوريا، هناك حيث يقتصر الرد الأمريكي على ضربات انتقامية ثأرا لاستهداف قواتها أو التحالف الدولي.
وسبق لواشنطن أن استهدفت مواقع تابعة لمجموعات موالية لطهران، ففي أغسطس/ آب الماضي، أمر بايدن بشن ضربات انتقامية مماثلة في محافظة دير الزور بعدما استهدفت طائرات مسيرة موقعا لقوات التحالف من دون أن تتسبب في أي إصابات.
وجاء الهجوم في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وسائل إعلام رسمية إيرانية مقتل جنرال في الحرس الثوري قبل أيام “خلال مهمة في سوريا بوصفه مستشارا عسكريا”.
وفي الأعوام الأخيرة، فقد الحرس الثوري الإيراني الكثير من كوادره في المعارك ضد الإرهاب في سوريا والعراق، حيث أكدت طهران حضورها الميداني بدور “استشاري”، لكن ذلك لم يعفها من الردود الانتقامية لواشنطن في إطار صراع على النفوذ يعكس الوجه الآخر لوجودهما في سوريا.
ردود لم تتجاوز طابعها الانتقامي، وبمرور الوقت بات لدى الخبراء قناعة بأن واشنطن لا تريد الدخول في مواجهة مع طهران، على الأقل ليس في الوقت الحالي.
مهادنة مؤقتة يرون أنها اضطرارية في وقت لا تزال فيه تعاني من ارتدادات انسحاب مرير من أفغانستان بشكل خاص، وبالتزامن مع انشغالها شبه الكامل بتطورات الأوضاع شرقي أوروبا.
فبوصلة الاهتمام الأمريكي تحركت تحت وطأة الحرب الأوكرانية الروسية المندلعة قبل أكثر من عام، نحو مقاربة أكثر إلحاحا تتعلق بدورها القيادي في العالم، والنظام العالمي وتوازنات القوة.
لكن ذلك لا يعني أنها تستبعد المواجهة، فالموقف الأمريكي قد يتغير في كل لحظة وفق المستجدات والتغيرات التي يمكن أن تشوب جميع الملفات ذات الصلة بسوريا -وإن بشكل غير مباشر، من ذلك سيناريوهات حرب أوكرانيا.
ملفات سيكون لتطوراتها الكلمة الفصل في تحديد ملامح الموقف الأمريكي ورسم توجهات الصراع مع إيران في سوريا، هناك حيث تتقاطع مصالح الطرفين مع خطوط تماس التطورات الدولية
اعلامي جنوبي
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 21, 2024