في ظل انشغال الوسطاء الإقليميين والدوليين بجهود إحياء الهدنة الأممية في اليمن، التي تجهض ميليشيات الحوثي الإرهابية المحاولات الرامية لإعادة إرسائها، تتصاعد التحذيرات من مغبة التغافل عن القنبلة الموقوتة، المتمثلة في ناقلة النفط المتهالكة «صافر»، العالقة قبالة الساحل الغربي للبلاد، قرب ميناء راس عيسى، الرازح تحت سيطرة العصابة الانقلابية، وعلى متنها نحو 1.1 مليون برميل من النفط.
فمخاوف خبراء الشحن والملاحة البحرية تتزايد باطراد، من أن يؤدي تداعي حالة الناقلة التي يعرقل الحوثيون إجراء أي عمليات صيانة لها منذ عام 2015، إلى تفككها أو تسرب النفط المُحَمَّل عليها، ما سيقود على الأرجح، لحدوث كارثة بيئية واسعة النطاق، تطال غالبية الدول المُطلة على البحر الأحمر.
واعتبر الخبراء أن «صافر»، التي بات تفككها المحتمل مصدر قلق بالغ للمنطقة والعالم على حد سواء، أصبحت تشكل «أزمة داخل أزمة»، بما يصب مزيداً من الزيت على نار الصراع اليمني المشتعل، جراء الانقلاب الحوثي الدموي على الحكومة الشرعية، وهو ما يتطلب تحركاً سريعاً من جانب الأمم المتحدة.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «تورنتو ستار» الكندية على موقعها الإلكتروني، حذر فرانك جيسترا الرئيس المشارك لمركز «مجموعة الأزمات الدولية» للدراسات والأبحاث، من أن «هذه الكارثة التي تنتظر الحدوث»، لا تحظى بما ينبغي من اهتمام وعناية، بالرغم من أن المخاطر المترتبة عليها، قد تتجاوز كل ما يمكن تصوره.
فأي تسرب كبير للنفط من على متن «صافر»، التي تعمل منصة تخزين عائمة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، سيفضي إلى إغلاق غالبية الموانئ اليمنية إن لم يكن كلها، ما سيفاقم الشح الذي تعاني منه البلاد من الأصل، في المواد الأساسية.
كما ستجبر هذه الكارثة المحتملة، ما يتراوح ما بين 5 ملايين و8 ملايين ونصف مليون يمني تهددهم المجاعة في الوقت الحاضر، على الاعتماد على المساعدات الغذائية العاجلة، وذلك بحسب مساحة التسرب النفطي المحتمل، والتوقيت الذي يحدث فيه.
فضلاً عن ذلك، سيلحق مثل هذا التسرب، دماراً شبه كامل بالثروة السمكية الكامنة قبالة السواحل اليمنية، وهو ما سيدمر قطاع الصيد بشكل كامل.
ولن تسلم الشعاب المرجانية الموجودة في البحر الأحمر بدورها من ذلك المصير الكارثي، رغم قدرتها الفائقة على التكيف مع ارتفاع درجة حرارة المياه. وتشمل هذه التبعات الكارثية، عرقلة حركة التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، الذي يشكل ممراً ملاحياً لـ10% تقريباً من حجم الشحنات البحرية، على وجه الأرض، بالإضافة إلى تفاقم مشكلة تلوث الهواء، بما يزيد مخاطر التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، بنسبة قد تصل إلى 42 % مقارنة بمستواها الحالي، وهو ما سيؤثر على قرابة 20 مليون شخص.
وأكد جيسترا، أن تفكك «صافر» أو تسرب النفط على نحو كبير منها، يمثل كارثة لا ينبغي أن يرغب فيها أيٌ من أطراف الصراع اليمني، أو أي جهة في العالم، خاصة أن التكاليف المادية المُقدرّة، لتطهير البيئة من التبعات المتوقعة لذلك، قد تصل إلى 20 أو 25 مليار دولار أميركي.
وطالب الرئيس المشارك لـ«مجموعة الأزمات الدولية»، بالفصل بين الجهود الرامية لنزع فتيل كارثة «صافر»، وأي مساعٍ تُبذل لإحراز تقدم على صعيد تهيئة الأجواء اللازمة لإيجاد تسوية للصراع اليمني، بالنظر إلى تعثر محاولات إحياء الهدنة، والتحضيرات الحوثية الجارية لاستئناف الممارسات العدوانية.