سبع شداد جثمت بظلالها القاتمة على شبوة وعلى جميع أرجاء البلاد، أجدبت فيها الأرض وهلك الحرث والأنعام وتقطعت السبل وقلت الحيل، وضاق الحال وتبددت الآمال. سبع عجاف أكلت الأخضر واليابس، فأصبح ميسور الحال من بعدها فقيرًا، تلفح وجهه شمس الحاجة وتكسر ظهره متطلبات الحياة، وأضحى مستور الحال خالي الوفاض يعاني الذل والمسكنة وضنك العيش. في أيامها أطفال في مقتبل العمر رسموا في خيالهم سفن الآمال لتحملهم نحو مرافئ المستقبل المشرق فاصطدمت أحلامهم بأمواج اليتم العاتية فحطمت أشرعتها. وفي ليالي الصقيع يشتد أنين الأرامل والأيتام وتطول ليالي مآسيهم، يفترشون العراء ويلتحفون الزمهرير. وفي خضم هذه المشقة والشدة، تتهادى في الأفق سحاب تتراكم غيمة بعد غيمة، ثم تتجه هذه الغيوم صوب البوادي والحواضر والسهول والوديان. فإذا رآها الناس استبشروا وترقبوها في سرور، حتى إذا أقلت الغيث وسارت نحوهم، أرعدت وأبرقت وتبسمت لهم، وأهدتهم بفضل الله غيثًا مغيثًا. فيعم بخيره الجميع وينتفع بأُثره مئات بل آلاف المعدمين والمحتاجين. إنه غيث حامل المسك الذي سخره الله لنفع المحتاجين، ففي هذا العام الذي وصلنا إلى ختامه تنوعت خيرات حامل المسك فشملت كفالة الأيتام وعلاج المرضى وبناء المنازل للأرامل واليتامى وبطانيات الشتاء وسقيا الماء والثلج وكسوة العيد ولحمة العيد وتوزيع الزكاة وسقيا الماء والسلال الغذائية والوجبات وإفطار الصائمين والحقيبة المدرسية وكفالة الطالبات وكفالة معلمي ومعلمات القرآن وطلاب العلم.
وفي الختام، حامل المسك لم يكن فردًا أو مجموعة أفراد، بل ثلة من المحسنين الذين ساهموا وبذلوا، ومجموعة من محبي الخير والدالين عليه، فلكل هؤلاء نقول: بارك الله سعيكم ورفع منزلتكم في الدنيا والآخرة، وأظلكم الله في ظل صدقتكم يوم لا ظل إلا ظله. نختتم هذا العام بهذا الفيض من العطاء، ونخطو نحو عام جديد نرجو من الله أن يكون عام خير وبركة، عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.