والأبرز فيما بعد الهدنة خوض جماعة الحوثي “حرباً نفطية” ضد الحكومة المعترف بها دولياً، لإجبارها على تقاسم إيرادات النفط الشحيحة.
وشنت الجماعة عدة هجمات بطائرات مسيرة على ميناءي الضبة النفطي في محافظة حضرموت، والقنا في محافظة شبوة، المطلين على خليج عدن وبحر العرب جنوبي البلاد، لمنع رسو السفن النفطية، سواء لتصدير النفط الخام أو لتفريغ شحنات مشتقات النفط. ودفعت تلك الهجمات مجلس الدفاع الوطني في اليمن، في 23 أكتوبر الماضي، لإعلان تصنيف جماعة الحوثي “منظمة إرهابية”، وتوعد باتخاذ “إجراءات صارمة تجاه الكيانات أو الأفراد الذين يقدمون لها الدعم والمساعدة”.
ولعل نجاح الحوثيين في تحقيق توازن الردع مع التحالف العربي من خلال وقفهم قصف السعودية والإمارات بالطائرات المسيرة والصواريخ، مقابل وقف التحالف القصف الجوي لمناطقهم، شجعهم للانتقال إلى مرحلة جديدة من الردع، في ظل توازن القوة العسكرية على الأرض.
وكان لافتاً خلال ما بعد انتهاء الهدنة، إطلاق الحوثيين سلسلة تهديدات للبلدين الخليجيين باستهدافهما في حال لم تتوقف الشركات النفطية من العمل بهاتين الدولتين، إضافة إلى إطلاق تهديدات بعمليات عسكرية بحرية ضد التحالف.
أزمة مستمرة
يقول المحلل السياسي نجيب السماوي، إن الأزمة اليمنية مستمرة على الرغم من كل التحركات المكثفة للمبعوثين الأمريكي والأممي.
وأوضح في حديثه الذي نقله موقع”الخليج أونلاين” بأن أزمة اليمن تمر بمنعطفات مختلفة؛ أبرزها تداخلات الملفات الدولية التي تؤثر بشكل كامل عليها، وفي مقدمتها أزمة أوكرانيا وأزمات النفط وصولاً إلى مونديال قطر.
وحول ما إن كانت الهجمات ستستأنف بعد انتهاء المونديال وسط تحركات مكثفة للمبعوثين، يقول السماوي: “لا أعتقد حدوث ذلك إلا في حال أرادت إيران أن تحرك ملف المفاوضات مع السعودية”.
ويوضح: “بخصوص الحوثيين لديهم الآن ملف أكبر يتمثل بالموارد النفطية اليمنية؛ لأنهم لا يفكرون بتوسيع معركتهم مع السعودية خشية من تلقيهم ضربات كبيرة، لذلك يهاجمون باستمرار موانئ النفط في شبوة وحضرموت بهدف الضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم”.
ويؤكد أن التحركات الأمريكية والأممية “تأتي وسط محاولات لإجبار الحكومة على التنازل في بعض النقاط لصالح الحوثي، بما فيها تقاسم الثروات، والذي قد يزيد من ثراء الحوثيين وتحقيق أهدافهم بعيداً عن الهدف الرئيس المتمثل في إسقاط انقلابهم في شمال البلاد”.
الهدنة وحرب اليمن
ولا تزال الأمم المتحدة تأمل في هدنة جديدة، ففي 22 نوفمبر الجاري، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ، إن المحادثات التي يجريها مع الأطراف اليمنية، منذ الثاني من أكتوبر الماضي، “تشهد تقدماً”، حتى لو لم يتوصل إلى اتفاق بعد حول تجديد الهدنة وتوسيعها وأمور أخرى.
وجاء تعثر تمديد الهدنة إثر تباين وجهات النظر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بشأن قبول مقترح قدمه المبعوث الأممي، مطلع أكتوبر الماضي، ينص على تمديدها 6 أشهر.
أما عُمان التي عملت منذ اندلاع الحرب اليمنية على أداء دور الوسيط بين المنطقة والعالم من جهة، والجماعة الحوثية من جهة أخرى، فتسعى لإبراز دورها في حل الأزمة في العلن بعد أن ظلت تفضّل أداء هذا الدور بصمتٍ ودون تصريحات رسمية، وهو ما يبدو لافتاً من الزيارات المتكررة للمبعوثين الأمريكي والأممي إلى مسقط