الجمعة , 22 نوفمبر 2024
لا أحد يفتري أو يتشفى لكن القرائن تقول هذا وتؤكده بلا منازع، فحينما وجدت الجماعة الانقلابين من يقاومها ويتصدى لها بقوة وإرادة لم تصمد مائة يوم ثم انسحبت من عدن والمحافظات المجاورة لها، وكان المقاومون لها أقل عدداً وأقل خبرةً و أقل إعداداً وعدةً وعتاداً، لكنهم كانوا أقوى إرادةً فأفشلوا المشروع الحوثي وهزموه في 2015م خلال أقل من مائة يوم، وتكرر هذا مرة ثانية في مديريات بيحان وحريب حينما انهزم الجيش الشرعي بكل فيالقه وسلم المديريات الأربع للحوثيين، وطيلة ثلاثة أشهر لم يحرر منها عشرة أمتار وحينما جاءت قوات العمالقة الجنوبية حررت الأربع المديريات الأربع في أقل من نصف شهر.
إنه فارق الإرادة والصدق والوفاء لا غير أيها السادة!
نعود ونقول أن المعركة ليست فقط سلاحاً وعدداً وأموالاً وقيادةً، لكنها قبل كل هذا وبعده أرادةٌ وعزيمةٌ ووفاءٌ وإخلاصٌ، وهذ ما افتقدت له “شرعية السنوات لثمان” وفيالقها الجرارة التي تخلت عن الأرض والوطن وانشغلت بالغنائم والمنهوبات.
لكن السؤال هو ماذا تريد الجماعة الحوثية من مهاجمتها لمينأي الضبة بحضرموت والنشيمة بشبوة؟؟
هل الأمر يدل على شجاعة أم قوة أم حكمة أم حماقة أم أمر آخر؟
إن الجماعة الحوثية لا تلتفت كثيراً لأية اعتبارات قانونية أو سياسية أو إنسانية أو حتى أخلاقية وكل همها هو الاستمرار في إثبات حضورها في الواجهة وتعزيز مكاسبها الميدانية، لكنها هذه المرة أرادت أن ترسل رسالتين مزدوجتين:
الإولى فحواها أنها لن تسمح للشرعية بالاستغلال الرشيد للموارد السيادية، وأنها وهي تنتظر نصيبها من كعكة النفط والغاز الجنوبيين حريصةٌ على استمرار العبث بهذه الثروات من خلال سياسة النهب والسلب المكرسة منذ العام 1994م، ولا مكان لاستثمار هذه الثروة عبر مؤسسات شرعية معترف بها حتى وإن كانت بقيادة شمالية.
والثانية فحواها أن الجماعة لا تكتفي بالهيمنة على مساحة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة) وحدها، وأن أطماعها (وأطماع أسيادها في قم وطهران) تمتد إلى أبعد من اليمن، وهذا ما ينبغي أن يدركه ليس فقط اليمنيون الرافضون للمشروع الفارسي، بل والأشقاء العرب الذين يحاربون أعراض المرض وينسون الأسباب الجذرية للعدوى وطبيعة الإصابة.
ومن هنا تأتي الهجمات الأخيرة على أهداف مدنية يعرف الجميع أن لا علاقة لها بالحرب والوظائف العسكرية.
وكان كاتب هذه السطور قد قال مراراً أن تفوق الجماعة الحوثية ميدانياً، وانحسار الرفض العلني لها من داخل المجتمع الشمالي لا يعود إلى أفضليتها السياسية أو الأخلاقية أو الشعبية ولكن إلى ضعف الطرف الآخر (شرعية السنوات الثمان) وسوء إدارتها للمعركة واستفحال الفساد في بنيتها القيادية والتنفيدية حتى غدا منهاجاً يومياً لهذه (الشرعية) وعجز هذه الشرعية عن بناء جبهة وطنية عريضة رافضة للمشروع السلالي العنصري في الداخل والخارج مما أدى إلى ما رأيناه من انهيارات فظيعة في صفوف جبهات الشرعية واستيلاء الجماعة الحوثية على مديريات ومحافظات بكاملها في أيام تقل عن عدد أصابع اليد الواحدة.
قرار السلطات المركزية للشرعية الجديدة (مجلس الرئاسة والحكومة ورئاسة البرلمان ومجلس الدفاع) بتصنيف الجماعة الحوثية كجماعة إرهابية لا يغير كثيراً في موقف الجماعة من محاولات التسوية السياسية وإن كان يقطع الطريق أمام أي حوار قادم معها (لأن لا أحد يتحاور مع إرهابيين) ، ولن تكون لهذا القرار أية أهمية عملية ما لم تغير القيادة (الشرعية) الجديدية في استراتيجية التعامل مع الملف العسكري والأمني والعمل الجدي لإلحاق الهزيمة بهذه الجماعة، وهذا لن يتحقق بالتمنيات والبيانات والتهديدات ولكن بالعمل الجدي من أجل بناء منظومة عسكرية حقيقية تمتلك مقومات النصر وهزيمة المشروع السلالي المقيت، ويمكن التعلم من تجربة المقاومة الجنوبية وسلوكها الذي اتخذته في مواجهة قوات الجماعة وإلحاق الهزيمة بمشروعها في الأراضي الجنوبية في عام الحرب الأول.
وتبقى قضية لها من الأهمية ما للنصر في ميدان المواجهة العسكرية وهي قضية حل الأزمات الخدمية والتموينية والإنسانية في محافظات الجنوب حيث نفوذ السلطات الشرعية ذلك أنه لا يمكن الحديث عن انتصار عسكري في ظل فشل في الخدمات والتموين وتلبية حاجات الناس الأساسية في مناطق وجود الشرعية، فمن يفشل في توفير الماء النقي والدواء والكهرباء والوقود لا يمكن أن ينجح في هزيمة ميليشات مسلحة كل وسيلتها تنحصر في القتل والقصف التدمير والخراب.
كي تهزموا الجماعة الحوثية اهزموا الضعف والتردد والفساد والأنانية وسياسات المكائد ضد حلفائكم داخل صفوفكم أولاً.
والله ولي التوفيق
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 19, 2024
نوفمبر 17, 2024
نوفمبر 11, 2024