تحديات ومخاطر وتصميم وإصرار . مشياً على الأقدام أو زحفاً على الأيدي نعود لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق دمٌ ، ومصيدةٌ ، وبيدُ .
العودة والمواجهه هي الصورة الأكثر إحساس حينما يكون السقوط ، وإن وصل الأمر إلى سفك الدماء أو الوقوع في قبضة العدو أو الهلاك على تلك الصحاري القاحلة .
العودة إلى الوطن بأيُّ حالٍ كان مشياً على الأقدام أو زحفاً مهما كانت الطرق محفوفة بالمخاطر والآلام فهو مصير العائدين ومواجهتهم له ، فوصية الدَّم لا تساوم ، ووصية الدَّم ، تستغيث بأن نقاوم . نعم للصمود .
لقد هلّت أعياد ثورة أكتوبر ال59 والأرض الجنوبية لم تتخلص من براثين الأعداء ولم نشهد مقصلة الحاكمين. كيف العودة إذاً؟!! أيأتي الفجر ؟ أم ذهبَ . فكيف سيأتي إذاً ؟!! مهرولاً بهيئة مجنون مشوّهاً ولديهِ عيون يمشي مكبّاً على وجههِ وفؤاده بلا شجون أيُّ فجرٍ قد أتى ؟ متسكعاً لايرى أغيمةٌ هُناكَ أحجبت شمس الضحى ؟
إن العودة إلى الوطن بات وشيكاً لامحاله وأن تعمدوا على إيقاعنا بالظلام ، فها هو العالم يتغير ويسوده الذعر والخوف ويعيش مرارة الألم نفسه الذي تجرعتموه طوال ثلاثة عقود ونصف ، لقد أتضحت معالم الطريق وفتحت آفاق المستقبل نحو أصدقاء الدولة التي تناهض اليوم مشروع المتمصلحين زارعي مشروع التمزق وتبليد المجتمعات العربية . إننا أمام آفاق جديدة لأمبراطورية كانت سنداً وعوناً نحو العدالة الاجتماعية والاقتصادية وبناء الدولة الجنوبية . إمبراطورية القيصر الروسي الذي عاد حاملاً أمل المستديرة ومناهضاً مشروع الليبراليين والمتطرفين وحاملي مشروع المصالح الإقتصادية على حساب الشعوب العربية لتقتات من خيراتهم المكنوزه على عرض الصحاري وأعماق البحار . لقد عاد القيصر إلى تغيير وجه العالم وشعبنا لازال يركض ويستجدي بإستعادة حقه القانوني والمشروع الذي كفلته له الشرائع السماويه والوضعية .
إننا وفي أعياد ثورة أكتوبر الخالدة والعالم يتجه نحو التغيير والذي يبشر بسقوط هيمنة القطب الواحد وبروز عالم متعدد الأقطاب . فهل تستفيد القيادة السياسية الجنوبية من عوامل التغيير العالمي ، وتوظيف ذلك التغيير لصالح مشروع إستعادة الدولة الجنوبية ؟
نعم ، أنّها أكتوبر تلك الثورة التي لم تخذل الشعب بأهدافها السامية ، بل كانت رافداً مهماً في صناعة المجد وتحقيق النصر . فليحتفل الشعب الجنوبي وقياداته اليوم ، ولينثروا دُرر الدعاء لتلك الكوكبة التي سطرت ملامح القوة والعزة والإباء بطرد المستعمر . وليجعلوا نصب أعينهم تلك الأهداف الأكتوبرية الخالدة لبناء الأرض والإنسان .