الإثنين , 25 نوفمبر 2024
القمندان نيوز / حسن خليل صحفي مصري
حالة من الجدل أثارتها وثيقة مسرّبة، قيل إنّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بعث بها إلى مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى لميليشيا الحوثي، بمناسبة عيد الأضحى.
وبحسب البرقية، قال إسماعيل هنية: “بمزيد من الحب والاحترام والتقدير، يسرنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعموم أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده، أن نبعث إلى معاليكم وللشعب اليمني الشقيق، بخالص التهاني القلبية والتبريكات بمناسبة عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعلى أمتنا بالخير واليُمن والبركة”.
وعلى الرغم من عدم التأكيد من قبل الطرفين، والنفي على استحياء من قبل بعض المنتمين لحماس، إلّا أنّ العلاقات المتنامية بين الحوثي والحركة، تذهب تجاه ترجيح حدوث الأمر، ما دفع سفير اليمن لدى المملكة المغربية، عز الدين الأصبحي، إلى التساؤل عمّا إذا كانت حماس تدرك “أنّ من يقف مع غزة، هم أبناء تعز المحاصرين من مليشيات الحوثي”؟ مستنكراً تلك الخطوة، لافتاً في الوقت نفسه إلى “أنّه لم يتجرأ أحد في العالم، بتهنئة قيادة المليشيات الحوثي رسمياً، حتى إيران نفسها”. مضيفاً: “إلّا حماس التي دعمها اليمنيون ذات يوم، قررت في الأخير طعنهم”.
حماس والمشروع الإيراني
يبدو أنّ حركة حماس تعتقد، أنّ قضية التحرير الفلسطيني يجب أن تكون القضية المركزية للقوى الحليفة لها، وبهذا المعنى، تحتل إيران مكانة بارزة في ما يسمى بمحور المقاومة، بحسب ما تتصوره مخيلة قادة حماس، والذي يضم إيران، وسوريا، وحزب الله اللبناني، وقوات الحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن، وجبهة البوليساريو في الصحراء الغربية.
الوثيقة المسربة
لكنّ علاقات الصداقة والتعاون والدعم بين جمهورية الملالي وحماس، جرفت الحركة الإسلامية نحو الانخراط الكامل ضمن أجندة إيران التوسعية في المنطقة، وهي علاقة أصبحت تتغذى بشكل وظيفي على الصراع بين إيران وإسرائيل، وقد توطدت العلاقات بشكل أكثر علانية مع الزيارات المتتالية التي قام بها قادة حماس إلى طهران، وهو ما تفسره تصريحات خالد مشعل في شباط (فبراير) الماضي، والتي زعم فيها أنّ “الدعم الذي تتلقاه حركة حماس من إيران، ليس مشروطاً، والدليل على ذلك خروج حماس من سوريا بقرار من قيادة الحركة نفسها”. وهو الأمر الذي يكذبه التقارب الأخير بين حماس ونظام الأسد في سوريا.
في 13 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، والذي هنأ الحركة بالذكرى الـ34 لتأسيسها، ووصف عبد اللهيان حركة حماس بأنّها رائدة في تحرير مدينة القدس المقدسة، مستنكراً موقف بريطانيا من تصنيف حماس على أنّها جماعة إرهابية، لتصبح العلاقات بين الطرفين أكثر علانية، ويصبح التقارب بين حماس والأذرع الإيرانية في المنطقة، خاصّة الحوثي في اليمن، أحد أبرز أولويات الحركة الإسلامية.
وكان إسماعيل هنية قد أثنى على ما وصفه بـ”الدعم القيم”، الذي قدمه قائد فيلق القدس الأسبق قاسم سليماني حيث قال: “نتذكر الجنرال سليماني بشرف، ونقدر دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقضية الفلسطينية والمقاومة، على مدى سنوات انتصار الثورة الاسلامية”.
علاقة وظيفية
وعن العلاقات بين حركة حماس وإيران يقول الدكتور سامح مهدي، أستاذ الفكر السياسي، في تصريحات خصّ بها “حفريات”، إنّها تطورت بشكل ملحوظ مع قيام العديد من وفود حماس بزيارة إيران لإجراء محادثات ثنائية تهدف إلى دعم وتحديث القدرة العسكرية للحركة، وفي كانون الثاني (يناير) 2020، كان إسماعيل هنية، الشخص الوحيد غير الإيراني الذي تحدث في جنازة قاسم سليماني، عندما أطلق عليه لقب “شهيد القدس”.
ويلفت مهدي إلى أنّ علاقة حماس الإستراتيجية مع إيران، أثارت ردود فعل متحفظة من القوى الإقليمية الأخرى، لا سيما السعودية ومصر والإمارات، في الوقت نفسه، أثار هذا التحالف خلافات مع حركة فتح، التي ترى أنّ سياسة المحاور الإقليمية ضارة بالفلسطينيين بشكل مطلق، وبالتالي يجب على حماس ألّا تتورط مع طهران، ويؤكد الباحث المصري أنّ دولة الملالي لا تقدم دعماً مطلقاً لحركة حماس؛ لأنّ هذه العلاقة مليئة بالتعقيدات نتيجة مخاوف إيران بشأن علاقات حماس بالمحيط العربي، ومدى قدرة مؤسساتها على الدفع تجاه المزيد من النفوذ الإيراني، لكنّ أبرز التحولات الإستراتيجية الناتجة عن تحالف حماس مع إيران، هو ما تجلى، بحسب مهدي، في إجراء مناورات عسكرية مشتركة، لقوات المقاومة الفلسطينية في كانون الأول (ديسمبر) 2020، بالتعاون مع إيران، كما كشف القيادي في حماس، يحيى السنوار، أنّ إيران توفر الموارد اللازمة منذ سنوات، للتصنيع العسكري لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ما سمح للأخيرة بتطوير صواريخ طويلة المدى؛ مثل: عياش 250-ك، وقسام 400.
من هنا يمكن فهم اندفاع حركة حماس، نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وعلى الرغم من عدم إصدار أيّ بيان رسمي من قبل الحركة بهذا الصدد، فقد افتضح الأمر عبر تسريبات حذرة لوسائل الإعلام، عبر مصادر لم تسمّها.
وقال أحد المصادر، بحسب موقع “المونيتور الكندي”: “حدث تطور كبير في الآونة الأخيرة، في موضوع العلاقة بين حماس وسوريا”.
وأضاف: “تم الاتفاق على إعادة فتح قنوات الاتصال المباشر، وإجراء حوار جاد وبناء لتمهيد الطريق لاستعادة العلاقات المتبادلة”.
كما أظهر مصدر موثوق داخل حماس، بحسب مراسل “المونيتور”، وثيقة تفيد بأنّها قررت “إعادة العلاقات مع سوريا، بما يخدم وجهات النظر السياسية للحركة، ويعزز برنامج المقاومة، وكذلك بشكل يساهم في تشكيل جبهة تقوض خطط التطبيع”.
وبحسب رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، خليل الحية، فقد “جرت مباحثات داخل حماس في الداخل والخارج، حول إعادة العلاقات مع سوريا، وكانت النتيجة النهائية أنّه تم الاتفاق على البحث عن سبل لذلك”.
وفي الجهة المقابلة، لم يعلق مسؤولو النظام السوري، على التقارير المتعلقة بإعادة العلاقات مع حماس، لكنّ الخطوة أشادت بها إيران، التي توسطت في هذه القضية، وحزب الله اللبناني حليف بشار الأسد.
وحاولت حركة حماس تبرير قرارها، زاعمة أنّ صناع القرار داخل الحركة، يعتقدون أنّ إعادة العلاقات مع دمشق، سوف تخدم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتساعد على إعادة تنشيطهم ليكونوا جزءاً من المقاومة الفلسطينية.
شروط موسكو
من الواضح أنّ حركة حماس، أعادت علاقاتها مع النظام السوري، تحت ضغط كبير من إيران، وطلبات متكررة من روسيا، وبحسب تقرير موقع “المونيتور”، فإنّ إيران تريد علاقة جيدة مع حماس لاستخدامها كرافعة للأسد ونظامه بين المسلمين السنّة في المنطقة، الذين يدعمون الحركة الفلسطينية، وخاصّة في الدول العربية، كما تريد روسيا أن تقترب حماس من حليف موسكو في دمشق كجزء من ردها على حقيقة أنّ الإسرائيليين يقاتلون إلى جانب الأوكرانيين ضد القوات الروسية، لكنّ هذا التقارب مع الروس لن يكون بلا ثمن، وعلى حماس أن تكون مستعدة لتلبية بعض شروط موسكو، وحتى الآن فإنّ الشيء الوحيد الذي تستطيع حماس فعله، في هذا الصدد، هو إعادة العلاقات مع النظام السوري.
المصدر حفريات
نوفمبر 24, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 21, 2024
نوفمبر 19, 2024