الثلاثاء , 18 مارس 2025
العرب
استخدمت دوائر إعلامية قريبة من الحكومة المصرية لهجة حادة وغير معتادة ضد جماعة الحوثي في اليمن بعد قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربات عسكرية ضد مواقع متفرقة للجماعة، وحمّل إعلام مصري العناصر المدعومة من إيران مسؤولية إلحاق خسائر فادحة بقناة السويس، كانت سببا في تراجع عوائدها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في إشارة إلى أن القاهرة قد تغير سياستها الهادئة وتنفتح على خيارات أكثر شدة لضمان تأمين ممر القناة.
وربط مراقبون بين التغير الظاهر في موقف الإعلام المصري، ويدور غالبيته في فلك السلطة، وبين كون الضربات الأميركية أمر بها الرئيس دونالد ترامب الذي يتبنى توجهات صارمة ضد خصومه، بينما كانت حسابات سلفه جو بايدن مرنة ومتذبذبة، ولم تشجع القاهرة على التعاون أو التنسيق معه لمواجهة تهديدات الحوثي.
ويضيف المراقبون أن رسالة الضربات الأميركية هذه المرة موجهة إلى إيران، ما يعني أن الضربات يمكن أن تستمر فترة طويلة، وهو ما من شأنه أن يحدث أضرارا مضاعفة لقناة السويس، وقد تتعرض جهود مصر من أجل وقف الحرب في غزة لتعثر كبير ما لم تبد تعاونا ملموسا مع إدارة ترامب في البحر الأحمر.
وشن الإعلامي أحمد موسى المقرب من السلطة هجوما حادا على الحوثيين عبر برنامجه “على مسؤوليتي” في قناة “صدى البلد” المصرية، مؤكدا أن إسرائيل لم تتأثر كما زعم الحوثيون، وأنهم “لم يضربوا سفينة إسرائيلية واحدة،” وأن إسرائيل تستقبل احتياجاتها بالطيران أو عبر البحر المتوسط ولم تواجه مشكلة.
ونشرت صحيفة “الأهرام” الحكومية مقالا للكاتب أحمد عبدالتواب تضمّن هجوما أيضا على الجماعة اليمنية؛ حيث أكد على أن “لا بيانات الحوثيين، ولا تصريحات متحدثهم الرسمي الصارخة، تشير إلى أن هناك تأثيرا سلبيا كبيرا على مصالح مصر، كنتيجة مباشرة لما يقولون إنه حصار منهم على إسرائيل بضرب السفن المتوجهة إليها، ولم يصدر عنهم اعتذار لمصر أو إبداء تفهمهم الخسائر التي تتعرض لها.”
وسرعت القاهرة خطواتها للتواصل مع شركات الملاحة الدولية منذ وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة في غزة لتشجعيها على عودة المرور من قناة السويس، وتحدث مسؤولون مصريون بنبرة إيجابية عن إمكانية استعادتها جزءا من السفن التجارية التي اختارت المرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح. غير أن تهديدات الحوثي الجديدة بضرب إسرائيل إذا لم تدخل مساعدات إلى غزة وبعدها الضربات الأميركية المكثفة أحدثت انتكاسة سيكون لها تأثير على قناة السويس.
وتحفظت مصر على المشاركة في أي عمل عسكري ضد الحوثيين في وقت سابق، لكنها بعثت الآن رسائل غير مباشرة تفيد بأن هذا الموقف قد يتغير إذا اقتضت الضرورة.
وشنت الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي في اليمن قبل أيام، ردًا على تهديدات الجماعة للملاحة في البحر الأحمر، ومن المتوقع أن تستمر الضربات إلى حين وقف إطلاق النار على السفن البحرية.
وقال المستشار في الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية (تابعة للجيش المصري) اللواء عادل العمدة إن تداعيات الضربات الأميركية التي تستهدف الحوثيين ستكون سلبية على قناة السويس، وإن مصر لا تشارك في هذه العمليات وتكتفي بمهمتها ضمن قوة المهام المشتركة “سي تي إف 153” المعنية باستقرار الأوضاع في البحر الأحمر.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن القاهرة تتوجس من أهداف إشعال الصراع في البحر الأحمر من جانب أطراف مختلفة، وتتعامل مع الوضع وفقا لما يخدم مصالح تأمين حركة الملاحة دون الذهاب باتجاه التصعيد، مشيرا إلى أن المشكلات الأكبر تتعلق بالنتائج السلبية لشركات الملاحة متعددة الجنسيات التي تأتي من الجنوب إلى الشمال.
ويمكن أن يكون تبرير الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على الحوثي “لأنهم تسببوا في شل حركة الشحن في أحد أهم الممرات المائية العالمية،” دافعا نحو مشاركة مصرية تدعم عملية تحقيق الاستقرار في البحر الأحمر من خلال أدوات مختلفة، من بينها الضغط السياسي على الحوثيين، والتنسيق مع الولايات المتحدة لتحقيق هدفها المعلن.
رسالة الضربات الأميركية هذه المرة موجهة إلى إيران، ما يعني أن الضربات يمكن أن تستمر فترة طويلة، وهو ما من شأنه أن يحدث أضرارا مضاعفة لقناة السويس
وأكد الخبير في الشؤون الدولية بشير عبدالفتاح أن اللهجة الإعلامية المصرية المغايرة تعكس تنوعا في الخيارات أمام القاهرة واستياءها من مواصلة تهديدات الحوثي لحركة الملاحة، ولدى القاهرة تعاون استخباراتي ومعلوماتي مع أطراف متشاطئة على البحر الأحمر لتأمين الملاحة، فضلا عن التنسيق مع واشنطن بشأن مرور المقاتلات والقطع الحربية الأميركية عبر قناة السويس، وهي تسهيلات تحصل عليها الولايات المتحدة للمساعدة على القيام بعملياتها العسكرية.
وذكر في تصريح لـ”العرب” أن تنفيذ ضربات مصرية ضد الحوثيين بشكل مباشر مسألة تخضع لاعتبارات معقدة سياسيا وعسكريا، ومن الصعب اتخاذ قرار المشاركة مع الولايات المتحدة في عمليات بدأتها واشنطن وحدها وتستطيع أن تُكملها بشكل منفرد، وأن بعض الرسائل التي يبعث بها الحوثي من حين إلى آخر تقول إن قناة السويس ليست هدفا، ولم توجه ضربات إلى سفن من أي جنسية أخرى، باستثناء إسرائيل، ما يجعل القاهرة تدرس بعناية كيفية التعامل مع هذه التهديدات.
وأشار إلى أن مصر بوجه عام لا ترحب بأي تدخل أجنبي من الدول غير المتشاطئة على البحر الأحمر، وتشارك بفاعلية في عمليات حماية الملاحة ومواجهة القرصنة، وتعمل على استكمال ما بدأته من اتصالات مع شركات الملاحة لإقناعها بالعودة مع توسعة مسارات المرور بالقناة، دون أن تقوم بعمليات في مناطق ذات تضاريس وعرة وتستطيع الولايات المتحدة بسهولة تحديد أهدافها العسكرية.
وشن الحوثيون أكثر من مئة هجوم على حركة الشحن البحرية منذ نوفمبر وبررت الجماعة ذلك بالتضامن مع الفلسطينيين، وأغرق الحوثيون سفينتين واستولوا على أخرى وقتلوا 4 بحارة على الأقل، ما أدى إلى اضطراب حركة الشحن العالمية واضطرت الكثير من الشركات إلى تغيير مسار سفنها لتسلك طريقا بعيدا عن قناة السويس، أطول وأبهظ كلفة، حول جنوب القارة الأفريقية.
وشكّلت الولايات المتحدة في ديسمبر 2023 ما يسمى بـ”تحالف حارس الازدهار” للرد على هجمات جماعة الحوثي ضد أهداف إسرائيلية، ولم تنضم إليه مصر.
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025