الثلاثاء , 18 مارس 2025
العرب
يرى محللون أن الهجمات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين السبت، على أهميتها، لن تردع المتمردين اليمنيين عن استهداف التجارة العالمية في البحر الأحمر وباب المندب.
ويقول المحللون إن الولايات المتحدة بحاجة إلى توظيف موارد أكبر في مواجهة تهديدات الحوثيين، فقط فشلت مئات الغارات الجوية السابقة في ردع المتمردين الذين اكتسبوا (خبرة) في التعامل مع الضغوط العسكرية.
وتُعيق الميليشيا الموالية لإيران حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023، وظلت متواصلة رغم موجات الغارات الجوية السابقة (شنها الأميركيون وحلفاؤهم).
ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة الغارات الجوية التي شنّها يوم السبت في اليمن ضد الحوثيين بأنها استخدام “قوة مميتة ساحقة.”
وكان ترامب قد صرّح بأنه أمر الجيش الأميركي بشن “عمل عسكري حاسم وقوي ضد الإرهابيين الحوثيين في اليمن.” وحذّر الجماعة قائلا “إن لم يتوقفوا، فستمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل!”
ويقول دانيال إي. موتون، زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط، في تقرير نشره المجلس الأطلسي أنه لتحقيق الولايات المتحدة أهدافها الأوسع من الضربات ستُضطر إلى تصعيد جهودها الدبلوماسية ونشر موارد إضافية.
من غير المتوقع أن تردع الغارات الجوية الجماعة. وبدلا من ذلك ستحتاج واشنطن في مواجهة الحوثيين إلى تخصيص موارد إضافية تتجاوز الضربات الجوية
ونفذ التحالف الذي تقوده السعودية بين مارس 2015 ومارس 2022 ما يُقدر بـ25054 إلى 75135 غارة جوية استهدفت الحوثيين في اليمن.
واستخدم التحالف طائرات أميركية وأوروبية متطورة ونشر ذخائر دقيقة التوجيه بدعم عسكري أميركي غير مباشر.
وفشلت سبع سنوات من الضربات المكثفة التي طالت الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تمكنوا من مواصلة شن ضربات مضادة ضد البنية التحتية السعودية، بما في ذلك في قطاعيْ الطاقة والطيران.
وعلى الرغم من الكمية الهائلة من الذخائر التي أسقطها التحالف بقيادة الرياض وردود الدفاع الجوي السعودي على طائرات الحوثيين المسيرة وصواريخهم، إلا أن القدرة الجماعة العملياتية ازدادت بمرور الوقت.
وانتهت الهجمات واسعة النطاق بين الحوثيين والسعودية بهدنة في مارس 2022، دون التوصل إلى وقف إطلاق نار رسمي. وتريد السعودية على الأرجح تجنب إعادة إشعال الأعمال العدائية، حيث يمكن للحوثيين بسهولة استئناف الهجمات على البنية التحتية للطاقة السعودية أو مشاريع مثل نيوم.
ويفسر هذا الموقف دعوة المملكة إلى ضبط النفس بعد تجدد الغارات الجوية الأميركية والبريطانية في 2024. كما أبدى الحوثيون نفس مستوى الصمود في مواجهة هذه الضربات الأخيرة كما فعلوا خلال الحملات السابقة في مواجهة التحالف الذي قادته السعودية.
ولا يتوقع مراقبون أن تردع الغارات الجوية الأخيرة الجماعة. وبدلا من ذلك ستحتاج الولايات المتحدة في مواجهة الحوثيين إلى تخصيص موارد إضافية تتجاوز الضربات الجوية، بما في ذلك الدبلوماسية والحظر البحري لإغلاق طرق إعادة الإمداد، والضغط على إيران.
تتوقع إميلي ميليكين، المديرة المساعدة للإعلام والاتصالات في مبادرة إن 7 رد فعل انتقامي من جانب الحوثيين ضد المصالح الأميركية في المنطقة. وقد هدد المتمردون بالفعل بالرد على الهجمات.
واستهدفت الضربات الأميركية الأخيرة تحديدا مراكز قيادة الحوثيين وبنيتهم التحتية. وتتوافق هذه العمليات مع رسائل إدارة ترامب الداعية إلى تبني نهج أكثر صرامة تجاه الجماعة المتمردة.
وفي حين قد تُسبب الهجمات على القواعد والقيادات والدفاعات الصاروخية انتكاسات عملياتية قصيرة الأجل للحوثيين، إلا أن الجماعة أثبتت باستمرار قدرتها على التعافي، كما اتضح خلال الضربات السعودية والضربات الأميركية/البريطانية الأخيرة.
ومن المتوقع أن يرد الحوثيون، وربما يستهدفون مجموعة حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس ترومان” في البحر الأحمر أو منشآت أميركية أخرى، في محاولة لإظهار رفضهم لهجمات واشنطن للسكان المحليين الذين هم تحت سيطرتهم والحلفاء الإقليميين مثل داعمتهم إيران والمجتمع الدولي.
و قد يواصل الحوثيون هجماتهم البرية في مأرب (آخر معاقل الحكومة اليمنية والمركز الحيوي للنفط والغاز) أو يستأنفون هجماتهم على البنية التحتية السعودية الحيوية لإضعاف موقف الرياض قبل أي مفاوضات سلام.
تحول إستراتيجي
تُشير الهجمات التي شنتها القيادة المركزية الأميركية إلى تحول إستراتيجي ملحوظ في تعامل الولايات المتحدة مع التهديد الحوثي.
وشنّ الجيش الأميركي حملة مُحددة الأهداف استهدفت قيادة الحوثيين ومنشآت أسلحتهم في اليمن.
وتعكس هذه العمليات إدراك الإدارة الأميركية لضرورة حماية طرق الملاحة في البحر الأحمر، وتُظهر لحلفائها الإقليميين استعداد واشنطن لمواجهة الحوثيين بجدية.
ويقول داني سيترينوفيتش، زميل غير مقيم في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إنه يجب أن تكون الحملة مستمرة وأن تُلحق أضرارا مُمنهجة بالبنية التحتية القيادية للجماعة وقدرتها على إنتاج الصواريخ والطائرات المُسيّرة حتى تكون فعّالة.
ويجب أن يشمل هذا الجهد منع إيران من مواصلة دعم الحوثيين، سواء عبر عُمان أو بحر العرب. وستحتاج الولايات المتحدة هنا إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكلاهما يتمتعان بخبرة عميقة في الصراع اليمني.
ويجب أن تهدف الحملة في نهاية المطاف إلى الإطاحة بنظام الحوثيين، بما سيقوض نفوذ إيران في هذه المنطقة الإستراتيجية وقدرتها على تهديد السعودية.
وتُمثل الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة يوم السبت على صنعاء ومناطق أخرى من اليمن تصعيدا إضافيا في الصراع الأميركي مع الحوثيين. وكانت هذه الضربات تهدف إلى إضعاف الجماعة عسكريا، لكنها ركزت تحديدا على أهداف قيادية. وكانت مختلفة عن الماضي بكونها جاءت ردا مباشرا على عدوان الحوثيين في البحر الأحمر والتهديدات الإقليمية.
ويرى أسامة الروحاني، زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن بالشرق الأوسط أن الجهود الأميركية لم تُسفر عن نتائج فورية لكنها وجهت رسالة ردع قوية إلى قيادة الحوثيين. ومن المرجح أن تقاوم الجماعة، مما يعني أن بروز فعالية هذه السياسة سيستغرق وقتا.
وركزت العمليات على المنشآت والمعدات العسكرية مستنزفة موارد الحوثيين. لكن الجماعة تكيّفت وأعادت بناء صفوفها مرارا وتكرارا في الماضي.
وتتجاوز نتائج الضربات الجوية تأثيراتها المباشرة على الحوثيين، حيث ستؤثر على المدنيين أيضا.
ويعيش أكثر من 60 في المئة من سكان اليمن في مناطق يسيطر عليها الحوثيون. ومن المرجح أن تؤجج الخسائر المدنية والدمار الاستياء تجاه الولايات المتحدة، وقد يستغل الحوثيون هذا لكسب المزيد من الدعم.
وما لم تستكمل الولايات المتحدة إجراءاتها العسكرية بجهود شاملة لتعطيل عمليات نقل الأسلحة الإيرانية ومعالجة الأسباب السياسية والاقتصادية الجذرية لقوة الحوثيين، فلن تؤدي الهجمات إلا إلى إطالة المعاناة في اليمن.
ضربات القادمة
كانت الغارات الجوية الأميركية يوم السبت على الأرجح مجرد بداية لحملة أطول. ومنذ أواخر 2023، شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربات متعددة لردع هجمات الحوثيين على ممرات الشحن في البحر الأحمر.
وبعد انقضاء أكثر من سنة من الضربات، ظل الحوثيون ثابتين على موقفهم، مستغلين الصراع لتعزيز مكانتهم المحلية والإقليمية. وهددوا في مطلع 2025 بشن هجمات جديدة، مما يعكس صمودهم المستمر.
ويقول أليكس بليتساس، زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط، إن هذا الصمود يرجع جزئيا إلى قدرة الجماعة على نشر الأسلحة عبر التضاريس اليمنية الوعرة، بما يصعّب تحديد مواقعها. كما تعرقلت ضربات التحالف بشكل أكبر بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية العملية، حتى بعد أشهر من الجهود المكثفة لجمع المعلومات. وصعّبت قدرة الجماعة على التكيف (بإخفاء أصولها والاعتماد على دعم إيران) قمع أنشطتها.
واستندت ضربات السبت على الأرجح إلى معلومات استخباراتية مستفيضة، ولا بد من أن تتبعها ضربات أخرى كثيرة إذا صُممت لتنجح في وقف الهجمات على السفن والمصالح الأميركية في المنطقة.
نهج تحالفي أكثر شمولا
يُظهر التاريخ أن غياب إستراتيجية تحالفية أوسع نطاقا ومنسقة تستهدف محور الحوثيين وإيران يعني أن الغارات الجوية لن تكفي وحدها لإخراج الحوثيين من اليمن أو تثبيت استقرار الممر التجاري العالمي الرئيسي.
ويقول أندرو بورين، مسؤول كبير سابق في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية إن فهم جذور هذه التوترات يعدّ أمرا بالغ الأهمية لفهم الأزمة الحالية وما قد يتبعها.
وسيطر الحوثيون على جزء كبير من غرب اليمن منذ 2015. وعلى الرغم من سنوات الغارات الجوية والهجمات البرية المحدودة التي قادتها السعودية لا تزال الجماعة متحصنة.
وفشلت القوة الجوية وحدها في طردها، حيث تكيفت من خلال الحرب غير المتكافئة، والمواقع المحصنة، والأهم من ذلك الدعم الإيراني المتواصل.
ويُعدّ هذا الدعم الإيراني أساس قوتها. واندمج الحوثيون في “محور المقاومة” الإيراني، إلى جانب حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. وما كانت متانتهم في ساحة المعركة وقدرتهم على تنفيذ ضربات دقيقة على السفن التجارية لتتحقق لولا الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية التي توفرها إيران.
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025
مارس 18, 2025