بما أنني لم أتعرّض من قبل في كتاباتي لمصنع الأسمن الوطنية المملوك لأولاد هائل سعيد أنعم وشركائهم لا من بعيد ولا من قريب، لكن ما أدهشني وحذا بي للكتابة: وأنا أطالع بعض المواقع الإخبارية، الكم من المغالطات في المنشور المنسوب لمستشار المحافظ لشؤون المديريات الشاب الخلوق، عبد الخالق العيسائي، وقد سمح لنفسه بعد الزيارة المكوكيّة إلى مقر المصنع الواقع على محاذاة سيلة بلة مديرية المسيمير محافظة لحج، إلى التحوّل من مستشار لشؤون المديريات إلى محقق وخبير في شؤون البيئة والمناخ، وذلك ليس بمنحه المصنع شهادة جودة عالية وفق المواصفات العالمية على اليمن وعموم الشرق الأوسط فحسب، بل ذهابه لأبعد من ذلك ينصح الموطنين ورواد شبكات التواصل الاجتماعي توخي الحيطة والحذر، وبعدم الانجرار وراء الدعايات المغرية والمضللة، مرجعاً الأسباب لما للمصنع من أهمية في مد يد العون والمساعدة للمحتاجين بلا استثناء، وللمساهمة بشكل فعال إلى جانب القطاع العام في التنمية.
وعليه نقول: أولا منح تزكية بهذا الشكل من اتباع معايير السلامة، ليست من اختصاص المحافظ ولا من مستشاريه ولا حتى من رئيس الجمهورية، بل هي من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة والدوائر المكملة لهذا الغرض من جهاز الرقابة والمحاسبة إلى الجودة والشفافية، ثم القضاء الذي يمتلك الكلمة الفصل في أمور كهذه، وبهذا الطريقة من التجشّم للعناء وبحكم أن الأمر لا يخولكم تغير إنطباع بصورة جزافية، مع عدم استنادكم لوثائق وإثباتات تؤكد وتدعم ما تطرحوه، هو ياسعادة المسشار كمن تضعون أنفسكم بلا دراية في موقع الشبهة.
ثانيًا أن كنت لا تعلم فهذا طامّة كبرى وإن تعلم طامة اكبر…بأن المصنع يعتمد على الفحم الحجري، الذي ينفث سمومه في الهواء الطلق، ولما فيه هذا العنصر من أضرار على الإنسان والبيئة، بات العالم اليوم يحث الخُطى مسرعاً للتخلّص منه وإستبداله بالطاقة النظيفة، وفي مؤتمر المناخ ( cop27) المنّعقد في شرم الشيخ 2022م كان له الكلمة الفصل في مسألة الاعتماد عليه كوقود، محذّراً عنما يحدثه من كوارث آنيّة ومستقبليّة يصعب حصرها، حال إصرار بعض الدول الفقيرة للتعامل معه كملاذ رخيص الثمن مقارنة بغيره من الوسائل الآمنة، حينها بادرت الهند كحسن نوايا من قبلها للإعلان نيّتها إغلاق ما يقارب عشرون منشأة للتوليد الكهرباء بنفس الطريقة المذكورة.
ثالثا ما يجدر الإشارة إليه، هو : بأن التأثير لا ينحصر فقط على الكربون فقط بل إيضاً يمتد للغبار المنّبعث من مطاحن الأحجار، وللإسترشاد: تفضّل الدول التي تعمل من أجل سلامة مواطنيها، أن تقام كهذه المنشآت بعيداً عن السكان بمسافة معقولة ولابأس أن تستخدم فلترات متطوّرة تحد من توسع دائرة الغبار بحيث لا تترك سائبة فتلحق الأذاء بالإنسان والحيوان والنبات.
أما من ناحية المختبرات الجودة، والأجهزة المتقدّمة، فما أوردته أمر مثير للسخرية والضحك، كونها تتعلّق بالمنتج وجعله قادر على المنافسة في السوق، لا شأن لها باتباع معايير السلامة إلا أذا كان من وجهة نظركم يوجد فحم وغبار مثاليان يمكن إختيارههما عن طريق الفحص المخبري.