أضحت المقاهي اليمنية، من بين الأماكن العامة الأكثر جاذبية للشباب في مانهاتن بمدينة نيويورك الأمريكية، رغم كونها خالية تماما من الخمور في قوائمها، وفي ظل منافسة شرسة معتادة من سلاسل عريقة مثل “ستاربكس”.
وحسب تقرير لموقع “سي إن إن”، فإن المكان الأكثر شعبية حاليا في ليالي الجمعة بمنطقة “ويست فيليج” بمانهاتن، ليست بارًا عصريًا أو مطعمًا حائزًا على نجمة ميشلان، بل سلسلة المقاهي اليمنية Qahwah House (بيت القهوة) التي تقدم القهوة والشاي والمعجنات
فقط.
سحر المقاهي اليمنية
ولفت التقرير إلى مقهى “قهوة هاوس” الذي يعج يوميا بحشود من المسلمين وغير المسلمين، والمتحدثين باللغة العربية وغيرها من اللغات، أسر الشباب الأمريكيين بأجواء الأصالة والتراث والثقافات الشرقية المختلفة، ورائحة “الهيل” الغنية والموسيقى العربية الأخاذة.
ومقهى “قهوة هاوس” هو مجرد واحد من سلسلة من سلاسل القهوة اليمنية التي نشأت في منطقة ديترويت التي يسكنها العرب والتي تنتشر بسرعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتتمركز غالبا في الأماكن التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من سكان الشرق الأوسط.
ويمتلك “قهوة هاوس” 19 فرعا في 7 ولايات أمريكية، بالإضافة إلى فروع أخرى قيد الإنشاء ومن المتوقع افتتاحها هذا العام.
في حين تتوسع سلسلة يمينة أخرى تدعى ” Haraz” انطلاقا من حي سوهو الراقي في مانهاتن، مع التخطيط لافتتاح 6 فروع أخرى على الأقل خلال العامين المقبلين.
ووفق “سي إن إن” فإن التوسع السريع لهذه المقاهي يشير إلى أن ثمة طلب من الشباب الأمريكيين الذين يبحثون عن “مساحة ثالثة” يمكنهم التسكع فيها دون الاضطرار لتناول الخمور أو الصراخ بسبب الموسيقى الصاخبة الموجود في البارات المنافسة.
و”المساحة الثالثة” هي مصطلح صاغه راي أولدنبورغ عالم الاجتماع الحضري الأمريكي في أوائل التسعينيات، في ظل زيادة ساعات العمل وعزلة المجتمعات، ويشير إلى مكان عام مألوف حيث يمكن للناس التواصل بانتظام مع أشخاص معروفين وغير معروفين، حول اهتمام أو نشاط مشترك.
وحسب التقرير، فقدت مراكز التسوق، مثل العديد من الخيارات الأخرى، جاذبيتها لدى الشباب باعتبارها “مساحة ثالثة جيدة”.
كذلك، أصبحت سلاسل مثل ستاربكس أشبه بمنافذ الوجبات الجاهزة بالنسبة لهؤلاء الشباب.
ولفت التقرير إلى الشباب يبحثون حاليا عن أنماط الحياة الخالية من الكحول، وهو نمط يتنامى حتى بين أولئك الذين لا ينتمون إلى الديانة الإسلامية، ولكنهم من ممارسي الدين.
لذا فإن العديد من الشباب في المناطق الحضرية، وخاصة أولئك من مجتمعات المهاجرين الذين يبحثون عن وسيلة للتواصل مع ثقافاتهم، يعد هذا خيارًا رائعًا.
وأوضحت “سي إن إن” أن المقاهي اليمنية ازدهرت لأنها تبنت تصميمات عصرية وجمعت بين الرصانة وبث شعور بالروابط الاجتماعية.
تاريخ البن والمقاهي اليمنية في أمريكا
في الشرق الأوسط، لا تعَد القهوة مشروبًا يتم تناوله في الصباح، بل هي طقس اجتماعي. وفي حين نشأت حبوب البن في إثيوبيا، ظهر أقدم دليل على زراعتها في اليمن من خلال التجارة عبر البحر الأحمر.
وقد استمرت هذه الممارسة استمرت حتى أوائل القرن العشرين وفي جميع أنحاء العالم، عندما جاءت الموجة الأولى من المهاجرين من الشرق الأوسط إلى ديترويت للعمل في صناعة السيارات أو أحواض الشحن.
وكان معظم المهاجرين من الرجال الذين هاجروا بمفردهم، لذا كانت المقاهي واحدة من أولى المؤسسات التي أنشأوها حيث كانوا يجتمعون للتواصل الاجتماعي وتبادل الأخبار حول وطنهم، وحتى كتابة الرسائل إلى الوطن.
وقد تم إنشاء العديد من المساجد البسيطة في المنطقة اعتمادا على أجزاء من تلك المقاهي.