في تطور ربما ليس غريباً قررت الولايات المتحدة الأمريكية فجأة فرض عقوبات على الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر رجل الأعمال والبرلماني اليمني وللذين لا يعرفون الشيخ حميد هو ليس إسماً عادياً في اليمن إنه رجل تجاوز الحدود السياسية والاقتصادية وكسر القيود الاجتماعية ليس في الابتكار والإبداع بل في تحقيق تحالفات مع القوى الأكثر تطرفاً في العالم .
الشيخ حميد : بين دعم الإرهاب ودعم حماس
المثير للسخرية أن الولايات المتحدة غضّت الطرف لعقود طويلة عن أنشطة الشيخ حميد الأحمر وحزبه ( التجمع اليمني للإصلاح ) في دعم الإرهاب عندما كانت عدن والجنوب العربي يغرقان في دوامة الإرهاب والعنف كانت أمريكا منشغلة في “البحث عن الحقيقة” بشأن دور حميد الأحمر وربما الحقيقة كانت في مكان آخر – في صناديق المساعدات المالية التي كانت تتدفق على الجماعات الإرهابية .
لكن فجأة قررت أمريكا أن تتخذ موقفاً بعد أن تم ربط الشيخ بدعم حركة حماس ربما تتساءلون : ما الذي تغير؟ هل حماس أكثر خطورة من الإرهاب الذي كان يعصف بالجنوب العربي؟ أم أن الشيخ حميد أخطأ في اختيار الجهة التي يدعمها فربما لو واصل تمويل الجماعات الإرهابية في الجنوب لما أثار غضب واشنطن!
الولايات المتحدة: “نحن نراقب… أم نغفو؟”
هنا تكمن الكوميديا المأساوية بينما كانت القوى الجنوبية تناضل من أجل الإستقلال وتحارب الإرهاب الذي تم دعمه من قبل شخصيات وأحزاب مثل حميد الأحمر وحزبه كانت الولايات المتحدة تقدم له “مساحة من الحرية” ربما كان لديهم قاعدة ذهبية: “ما دام الإرهاب بعيداً عنّا فلا بأس به” ولكن عندما ظهرت كلمة “حماس” في المعادلة أصبحت العقوبات ضرورة عاجلة .
هل هو نفاق أم مجرد سوء فهم؟ ربما الاثنين معاً! فالولايات المتحدة كانت ترى دوماً أنها “الراعي الرسمي للعدالة” ولكن في الوقت نفسه كان الشيخ حميد الأحمر يتنقل بحرية بين العواصم العالمية دون أن يلفت إنتباه أحد وبينما كان الجنوب العربي يُستنزف في صراعاته مع الجماعات الإرهابية كانت أمريكا تكتفي بتوجيه أنظارها نحو مكان آخر وكأن ما يحدث في الجنوب لا يخصها .
الشيخ حميد : السخرية تتحدث
لو كانت هناك جائزة للقدرة على السير بين الألغام السياسية بدون أن تنفجر لكان الشيخ حميد الأحمر هو الفائز بها بجدارة لقد استطاع أن يلعب على جميع الحبال : “دعم الإرهاب في الجنوب العربي عندما كان ذلك “مسموحاً” ثم دعم حركة حماس عندما ظن أنها ستكون الورقة الرابحة ولكن كما يقول المثل : “لكل جواد كبوة” والكبوة هذه المرة كانت عندما انتبهت الولايات المتحدة أخيراً ولكن انتباهها جاء متأخراً .
في النهاية قد يكون حميد الأحمر دمية للعبة دولية أكبر من الجميع أو ربما هو مجرد بطل كوميديا سوداء حيث يمشي بين دوائر السياسة الأمريكية دون أن يدرك أن زمن الإفلات قد انتهى أما الولايات المتحدة فهي ما زالت تتساءل: كيف فاتنا هذا؟