إن الأهمية والضرورة في كلمة القائد/ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي/ نائب رئيس المجلس الرئاسي لا تكمن في تزامنها واستيعابها لمستجدات الراهن السياسي المحلي والإقليمي والدولي وفي أن أول قائد جنوبي ومنذ وحدة الخديعة والاستدراج عام ١٩٩٠م وحتى الآن يعتلي منبر منصة أعلى محفل دولي -مجلس الأمن- ويلقي فيه كلمته ويلتقي برؤساء الوفود المشاركة في دورة الأمم المتحدة على هامش اجتماعاتها وحسب ولكن أهميتها تكمن في أنه قد أوصل صوت شعب الجنوب وقضيته إلى هذا المحفل الرفيع ومن خلاله إلى كل بلدان وشعوب العالم قاطبة ولأول مرّة منذ إعلان تلك الوحدة وبِلُغة سياسية ودبلوماسية حصيفة طالما كان في إلقاء كلمته قد جمع بين الصفتين رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي / نائب رئيس المجلس القيادي للشرعية تأكيده وبذات اللغة على عدم إمكانية تحقيق أي سلام مستدام ما لم يكن من خلال عملية سلام شاملة تظم كل القضايا والأطراف تكون القضية الجنوبية حاضرة في طليعتها من خلال إطار تفاوضي خاص بها تم الإتفاق عليه في مشاورات مجلس التعاون الخليجي عام ٢٠٢٢م وحضور كل الأطراف الفاعلة التي ينبغي هي الأخرى أن تكون أكثر أهمية في مستقبل البلاد والمقصود به أيضاً المجلس الإنتقالي الجنوبي هذا فضلاً عن التأكيد على أن القضايا المَفضيَّة إلى الدخول نحو عملية تسوية سياسية بدعم ورعاية دولية وإقليمية لضمان حل سياسي: تمكين المجلس الرئاسي من احتواء التهديد الذي يشكّله الحوثي وإنهاء العبث والفوضى التي يمارسها والمقصود به كذلك استهداف منابع النفط والغاز وموانئ تصديرها الجنوبية وإنهاء المعاناة الإنسانية ومعالجة الأوضاع الإقتصادية التي يعاني منها شعبنا إلى نهاية الكلمة وما حملته من رسائل وعلى نحو ما ورد فيها.
إن تحشيد الجهود المحلية ووحدة الصف الجنوبي وإيجاد تحالفات الضرورة مع الآخر في مواجهة الحوثي ومشروعه وإزاحته من المشهد طالما كان يستهدف التمدد جنوباً وعلى نحو ما قد حدث عام ٢٠١٥م وما يحدث حتى الآن وطالما كان ذلك يتفق ويتماشى مع جهود المجتمع الدولي والإقليمي ورغبته في وقف هجمات الحوثي على الشحن البحري ومرور التجارة الدولية والطاقة في خليج عدن وبحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر وتهديده للأمن والسلام والإستقرار الإقليمي وتأثيره المباشر على السلم العالمي ومصالح وأمن المجتمع الدولي.
إن إزاحة الحوثي من المشهد بقدر ما يخدم شعب الشمال ويخدم المجتمع الدولي والإقليمي بقدر ما يخدم شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته عبر طريق آمن وسلس وبضمانات دولية وإقليمية.
إن العالم قد صار اليوم قرية واحدة تقاطعت علاقاته ومصالحه فيما البلدين الجنوب والشمال وشعبيهما على تماس جغرافي حدودي وتشابك علاقات اجتماعية وسياسية وتداخل منافع مشتركة يمكن العودة بها إلى سابق عهدها “عهد الدولتين” جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية وبصيغة تستجيب لنضالات وتضحيات ومعاناة شعب الجنوب وتضمن تحقيق تطلعاته في رحاب دولته كاملة الحرية والسيادة والاستقلال، لاسيما وأن وحدة الشراكة والتراضي عام ١٩٩٠م قد تم الإنقلاب عليها وانتهت بالحرب والاحتلال عام ١٩٩٤م وتدمير دولتها بكامل مقوماتها وتشريد وتسريح القيادات الجنوبية فيما تم دق آخر مسمار في نعشها بدخول الحوثي صنعاء وبالحرب على الجنوب عام ٢٠١٥م ولم يعد لها -الوحدة- أي أفق أو قبول جنوبي «المرء لا يلدغ من جحر مرتين».
في مقالنا المنشور الأسبوع الماضي بعنوان ((السياسة فن التقاط اللحظة التاريخية المناسبة)) ما هو ذات ارتباط بما ورد في هذا المقال ونضيف لا تَخَنّْدُق ومراوحة في ذات الزمان والمكان…