الأربعاء , 5 فبراير 2025
القمندان نيوز كتب/ محمد علي رشيد النعماني
منذ إنطلاق عاصفة الحزم في عام 2015، كانت المقاومة الجنوبية القوة الأساسية في التصدي للمتمردين الحوثيين حيث تمكنت من تحرير كافة المحافظات الجنوبية من قبضة الحوثيين خلال بضعة أشهر ورغم الدعم العسكري واللوجستي الذي قدمه التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات كانت الحكومة اليمنية الشرعية غائبة عن معظم الأراضي اليمنية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء وأجزاء واسعة من الشمال وفي عام 2017، تم تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي من قبل المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي ليصبح له دور بارز في السيطرة على المحافظات الجنوبية ورغم أن الحكومة الشرعية إستمرت في مشاركة بعض المسؤوليات من خارج اليمن إلا أنها ظلت غائبة عن الأرض في الجنوب.
وعلى الرغم من مشاركة المجلس الإنتقالي في الحكومة الشرعية من خلال تمثيله في مجلس القيادة الرئاسي وفي بعض الوزارات أظهر الوضع العسكري والسياسي في الجنوب تبايناً بين قوته العسكرية التي تهيمن على الأرض وحاجته الملحة لتأسيس إدارة مدنية مستقلة قادرة على تلبية إحتياجات المواطنين ورغم إعتراف بعض الدول الإقليمية والدولية بالمجلس كطرف فاعل في الصراع إلا أنه لا يزال يواجه صعوبة في الحصول على الإعتراف الكامل من المجتمع الدولي كبديل شرعي للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومع ذلك يبقى الواقع العسكري في الجنوب يشير إلى أن المجلس الإنتقالي أصبح صاحب الكلمة العليا في تلك المناطق مما يفتح الباب للتساؤل حول مستقبله كبديل للحكومة الشرعية.
من جهة أخرى تعيش الحكومة الشرعية وضعاً صعباً حيث تتنقل قياداتها بين السعودية والإمارات ودول أخرى في حين يظل الحوثيون يسيطرون على صنعاء وأجزاء واسعة من الشمال هذا الوضع يجعل الحكومة الشرعية تبدو بعيدة عن الشعب ما يضعف من مصداقيتها وفاعليتها في نظر الكثير من اليمنيين ورغم الإعتراف الدولي بالحكومة الشرعية إلا أن هذا الإعتراف لم ينعكس على الأرض بشكل فعّال حيث لا تزال الحكومة تعتمد بشكل شبه كلي على الدعم السعودي والإماراتي .
إذا نظرنا إلى تجربة المعارضة السورية التي استطاعت نقل السلطة إلى الداخل بعد سنوات من العيش في المنفى يمكننا أن نتساءل: هل سيتعامل العالم مع المجلس الإنتقالي بنفس الطريقة إذا فرض أمراً واقعاً في الجنوب؟ في سوريا، ومع الدعم الخارجي تمكنت المعارضة من الإنتقال إلى الداخل بعد إسقاط نظام بشار الأسد، وأصبحت تدير البلاد فإذا إستطاع المجلس الإنتقالي الجنوبي فرض سيطرته الكاملة على المحافظات الجنوبية وإدارتها بكفاءة فقد يجد نفسه في موقع يمكنه من تحقيق اعتراف دولي تماماً كما حدث مع المعارضة السورية بعد سقوط الأسد .
حالياً وفي ظل الظروف الراهنة لا يبدو أن المجلس الإنتقالي سيحظى بإعتراف دولي كامل إلا إذا تمكن من تحقيق الإستقرار في الجنوب وإدارة الأرض بفعالية وما يعزز فرصه في ذلك هو الدعم الشعبي في المناطق الجنوبية حيث يعتبر كثير من المواطنين أن المجلس الإنتقالي يمثل مصالحهم بشكل أفضل من الحكومة الشرعية لكن هناك تحديات كبيرة أمام المجلس خاصة في ما يتعلق بتوحيد الصفوف الداخلية وتجاوز الإنقسامات بين القوى الجنوبية المختلفة بالإضافة إلى موقف التحالف العربي الذي لا يزال يدعم الحكومة الشرعية .
إذا إستطاع المجلس الإنتقالي أن يثبت قدرته على إدارة الجنوب بشكل فعّال وأن يحقق الإستقرار الإقتصادي والأمني فقد يكون له دور أكبر في إعادة صياغة المشهد السياسي بما يلبي طموحات وآمال شعب الجنوب وفي هذه الحالة قد يتحول إلى بديل حقيقي للشرعية ويُعترف به دولياً كحاكم فعلي للجنوب .
أما الحكومة الشرعية التي تواجه تحديات كبيرة، فهي بحاجة إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها لتبقى مؤثرة على الأرض وتستعيد قدرتها على تمثيل الشعب في الشمال .
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة الشرعية من إستعادة قدرتها على إدارة اليمن من الداخل أم أن المجلس الإنتقالي سيصبح فعلاً بديلاً شرعياً في الجنوب؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة
فبراير 5, 2025
فبراير 5, 2025
فبراير 5, 2025
فبراير 5, 2025